قال الله تعالى في كتابه الكريم ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) كان يوم السبت ٢٣/ ٥ /١٤٤٤ شروقه شاحبا في احمرار الغسق يخفي بين الشعاع انكسار الضوء في نفسي وضعفي وقلة حيلتي .

إنها الحياة تقلبنا في لظاها حتى يَصْب الألم في تجاويف الأقدار.

لقد رحل أبي إلى حيث اراد الله له أن يكون في مثواه لقد صمت كل شيء وبقى الأنين سيداً في النحيب .

إنها قوانين الحياة تغرب شمسها في سماء الآجال بعد أن استوفى يومه ورزقه وختم كتابه .

كان الكلام أزيزا يحدث تشققاته في لواعج النفس فما لها غير الاستسلام والايمان بالقضاء والقدر .

لقد اعادني شريط الذكريات في لحظه يشيب فيها التعب مابين الأمس واليوم والغد.

لقد كان أبي كل شيء في حياتنا حتى في تفاصيلها الصغيرة كان ركنا شديدا رشيدا علمنا تربية وأدبنا علماً وأكرمنا عفة واسكتنا حلما .

فكلما أنَّتْ نفسي و تعبت طأطأتُ رأسي منصتا له وكلما جرفتني الحياة في عنفوانها كان هو الركن الذي اتكئ عليه و ألجأ إليه بعد الله في مواطن ضعفي وعتمة بصيرتي فيكون ستراً وحصنا يرمم الانكسار في داخلي ويبنيه.

نحن الأبناء حتى وإن بدأت منابت الشيب في شواربنا ولكننا في عيونهم أطفالا عقلاء .

إنها الحياة تجعلنا هكذا كبارا وأمامهم تبقينا صغاراً بين أيديهم نلهو راحة في وسادة عطفهم وفي تجاويف حنانهم ، حتى مع أولادنا عندما نقسو عليهم في حياتنا اليوميه يذهبون بنا إليه في أنين الشكوى فيكون سكنى لهم من الألم وحناناً من العطف يكفكف دموعهم لكي يرتاح التعب في صدورهم ويملأ حياتهم فرحة بالمواساة والاحتضان ، رأيت الجميع في انكسار ، ورأيت نفسي في تعب وانكسار .

كان أبي منارة الحياة ووهج الكون داخل الأسرة نجتمع حوله فيحدثنا عن تفاصيل حياته فيأخذنا إلى أعماق شبابه كأنه أراد أن يحفضنا ماضيه بكل تفاصيله الصغيرة .

لقد انتقل إلى جوار ربه بعد عناء وتعب مابين الداء والدواء يتجرع مرارته ويصبر على معاناته حتى كان الاستسلام سيدا في طلب العافيه.

استودعناه الله برهة من الزمن في مصحات الحياة حتى يكون بصيص الأمل في الشفاء ولكنها الأقدار مهما بلغ العلم في دفاتر الطب وبلغ النجاح في عقاقير الدواء يقف هذا الطبيب ومن في زمرته واقفون صامتون ضعفاء أمام الآجال ضعف الطالب والمطلوب .

إنها الدنيا وزينتها تدنو منك حتى لا تكاد أن ترى نفسك خارج أحضانها وأنت في متاعها ترتع وتلهو وتفرح ، تزداد جمالاً وأنساً وسعادة فكلما غربت شمس الأيام تجدد الأمل مع شروقها.

كان والدي يشكو ألمه بكبرياء الصمت حتى عندما كان ينخر المرض في جسده كان بمقدار صلابة الحياة لا يبوح به كان صبورا يتظاهر لنا أنه بخير وأنه قوي حتى تهالك وأصبح أنينه تعبا يموج به في أمواج الوداع مابين ماض ومابين أمل يطرق باب الحياة من جديد كان يهمس بين الحين والآخر إن كان له خيرا في هذه الدينا فسوف يبقى وإن أخذ الله وداعته فهذه سنة الحياة.

وكلما أشرق صباح كل يوم كان الأمل يبزغ نوره في صدورنا إنه إلى حال أفضل وان الحياة ستعطيه من املها الكثير.

كان علاجه مابين المصحات لأكثر من شهرين ونيف على سرير المرض وكان هاجسه أن يرجع إلى بيته يردد دائماً إن اردتم لي أن أعيش وأحيا أن تردوني إلى بيتي إلى حيث أفنيت حياتي إلى داري وأسرتي وأهلي فكان له ما أراد .

كأنه أراد أن يودع كل شيء وأن يعيد الذكريات بعد غياب ، أراد أن يودع غرفته وبيته وأهله وفناء داره كأنه أراد أن يرى أحفاده وأن يتذوق شاهي المساء الذي يحتسيه كل ليلة في فنجان الأمل والسعادة ، كأنه أراد أن يكتب كل شيء في سيرته.

كان أنينه مخلوطا بالدموع أن الحياة سيكون وداعها قريبا ونحن نجاهد الطب حتى تكون العافية في جرعة الدواء تعيده إلينا بصحة وعافيه ، ولكن هيهات هيهات ودع كل شيء ورحلت أنفاسه مع الشروق ، فقد كان شموخه في نفوسنا شموعا انطفأ وهج نورها واشتعل لهيب نارها فرجعنا أطفالا لا نملك سوى الأنين.

إنها الحياة هكذا جرعاتها قاسية حتى لا يكاد الوجود أن يعيد لنا الموتى في أماكنهم ، ليس لنا الا الدعاء في ان يرثي النفوس بعد الرحيل .

رحمك الله يا ابي هكذا نعيش في الحياه ابوخالد